24.2.10

لماذا يكتبون ...

لماذا يكتبون ...
الكتابة مهنة قديمة جدا بدأت مع إختراع أدوات الكتابة سواء الأداة الكاتبة أو المادة المكتوب عليها، واستمر هذا الإختراع الإنساني يتطور حتى يومنا الحاضر، وتعددت وسائل الكتابة وأنواعها وفنونها مع تطور الحاجة لهذا الفن المعبر، وازدادت أهميتها في الوقت الحاضر لتعكس وجهات النظرلجهات كثيرة ومع توفر الوقت الكافي لدى الأفراد في القراءة.
والحالة هذه ، فإن للكتابة أسس وضوابط كما تعلمت من الكتب وإطلاعي على مقالات وكتابات الآخرين. فالكتابة فنا صعبا وليس سهلا كما يظن البعض، ولها مناهج تدرس فيها قواعدها وأصولها. وغالبا ما يكون للكاتب قضية يكتب عنها بهدف التعريف بها لجمهور القراء يطرح القضية ويحللها بموضوعية ويقترح الحلول في نهاية المقال وبعض الكتاب يتركون للقارىء استنباط الحلول أو الخلاصة.
في عصرنا الحالي ، أصبح "كل من هب ودب" يكتب دون ان يكون عنده موضوع أو قضية واضحة تهم الجماهير في القرن الواحد والعشرين ، يكتبون لملء الفراغ أو اللهو ، علما بأن الكتابة تتطلب من ممارسها فهما ودراية ودرسا للشأن المكتوب عنه الذي يفترض أن يكون بؤرة إهتمام ومثار نقاش لاحقا بين أفراد المجتمع ذوي العلاقة دون حصرا.
ولكن هل كل من يكتب يجب وصفه بالمتطفل على هذه المهة النبيلة؟ أليس من الإجحاف وصف بعض أعمال من يكتبون بالرداءة وعدم الجدية؟ هل يمكن للكاتب أن يكون موضوعيا دون محاسبة بمعنى أن يدفع ثمنا لقاء "موضوعيته" في "بيئة محفوفة بالمخاطر" وفي عالم تعقدت في المصالح؟ هل ساهمت الأنظمة القمعية والشمولية وأذرعها "الأمنية" في بروز جيل "مدجن" من الكتاب ، أبواقا لهذه السلطة يكتبون لها ومنها ، يمجدونها ليلا نهارا من أجل مصالح ضيقة وشخصية محضة.
ليس سهلا اليوم أن يبقى الكاتب الموضوعي كذلك في بيئة تجد الأنظمة نفسها على الحق دائما ولا ترغب الإستماع الى وجهة النظر الأخرى ، ولو كانت تعمل بشرعية وبحق لما هابت حرية الرأي والتعبير الممثلة أجمل تمثيل في الكتابة والصحافة، ولكن في المقابل حتى أقطاب المعارضة في أي بلد لا تمتلك الحقيقة المطلقة ولا هي دائما على حق. والحقيقة هي انه من الصعب جدا أن نصل إلى درجة من الكمال ، وهذه عبارة موضوعية ، ولكن ليس من الصعب أن نكون بين هذه وذاك وأن نتوسط ونقبل الرأي المخالف.
مرة أخرى ، الكتابة مهنة شريفة ومهمة جدا، مثلها مثل المهن الأخرى كالطب والهندسة والعلوم التجريدية والإنسانية الأخرى الأساسية في حياتنا . فلا بد من التمرس عليها وإتقانها وتبني وجهة نظر واضحة من قبل الكاتب وأن يكون على قدر المسؤولية في الدفاع عن رأيه بحرية وبتجرد ولكن بالحجة والدليل، والأهم من ذلك كله هو عدم الإستئثار بالحقيقة وتغليط الآخر لأن لا أحد منا يمتلك الحقيقة المطلقة.
خلدون القيسي
20 شباط 2010

17.2.10

الفساد ظلم

الفساد هو غياب العدالة والمساواة في أي بيئة كان ذلك ، في العمل بالدرجة الأولى وفي البيت وفي (قضايا) الحياة اليومية . والفساد أخطر ما يكون في الفعل ويكون خطرا أيضا على المفسد في القول ، ومن أجمل المفارقات أن الفساد ينمو فينمو في بيئته ثم ما يلبث أن ينهدم ويتفتت من ذات نفسه لأن الحقيقة تعلو الأكاذيب والحق يبني والباطل يدمر . وهذان المفهومان لا يخضعان لشريعة أو قانون أو حكم بل ينبعان من صفاء النفس البشرية وإنجبالها على الحب وحب الخير ومن ذلك يولد العطاء ونكران الذات.

ما دفعني لكتابة هذه السطور هو زيارتي لواحد من مراكز الثقافة واللغة الأجنبية (الغربية بالتحديد) في المدينة التي أسكن فيها. حيث وجدت زخما في هذا المركز ، الإتصالات الهاتفية تنهال على الموظفين من قبل زبائن مفترضين يسألون عن معلومات تخص خدمات يرغبونها من المركز في اللغة الإنجليزية ، وكان الموظفون منهمكون في حوارات مع الزبائن المفترضين أو من أولئك الذين تمت خدمتهم.

تسألت لماذا هذا الإهتمام الكبير باللغة الإنجليزية وتعلمها وتمنيت لو أن الإهتمام يكون للغة والثقافة العربية ويتوفر لها أنظمة إمتحانات ومساقات دراسية خاصة في بلدان العالم من خلال مراكز ثقافية (علما بأن هنالك مراكز ثقافية إسلامية في مناطق من العالم ممولة من قبل المؤسسات العربية الخليجية).

لا أحسد الغرب على لغته ومدى الإهتمام العالمي بها لأنهم أي الدول المنتجة لم يصلوا الى هذه المستوى من الإعتراف الكوني دون مقابل، ولكن غياب الفساد الى حد ما ووجود أنظمة محاسبة ومسآئلة فعالة ، وتشريع القوانيين ومراقبتها وإحترامها، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب كلها ساهمت في صنع حضارة حية ، تتفجر فيها الطاقات لتنتج المخترعات الحديثة التي نتعامل معها اليوم وتوفر الرخاء والترف لبني البشر
.
"الظلم يؤذن بخراب العمران"، فالمحسوبية والشللية والرشوة هي إفرازات أكيدة لفساد العقول والنفوس بحب المنصب والمال والجاه الزائف.
ولعل من أهم مظاهر الفساد ونتائجه هي ظهور المحسوبية والتنافس غير الشريف، ضياع الأمن وشيوع الخوف في المجتمع، طغيان عدم الثقة والريبة بين الزملاء في العمل أو بين أقطاب المجتمع من رجال مال وأعمال ومن ثم إنتشار الإنحراف والجريمة على نطاق واسع بسبب فقدان التضامن الإجتماعي والتكافل وستظطر الدولة الى التخلي عن مسؤوليتها كجهة ذات ولاية قانونية على رعاياها، وبعد ذلك تصبح مرتعا خصبا لأطماع الدول القوية من حولها.

بقلم خلدون عبد النبي القيسي
17 شباط 2010

14.2.10

العربية لها حقها

أشعر بالإنزعاج والإستياء وأحيانا بالغضب المبرر وذلك لما تواجهه لغتي من إهمال وإزدراء مقصود أو غير مقصود . لماذا يجب علي أن أتحدث الإنجليزية في مدينة عربية وينص تشريعها على أن العربية هي اللغة الرسمية لها؟

القصة هي أنني رغبت ذات مساء أن أستقل الباص عائدا الى منزلي –علما بأنني أمتلك سيارة خاصة، ولكنني أردت أن أخرج عن المألوف هذه المرة، وكم شعرت بالغبن عندما تحدثت بالعربية (لغتي) مع السائق ولكنه لم يفهمني ورد علي بالإنجليزية وكأنه يريدني أن أتحدث الإنجليزية ولكنني قلت في نفسي ولماذا يجب علي أن أتحدث بلغة ليست لغتي وأنا لم أبرح المدن العربية.

الآسيويون في الخليج والمدن العربية الأخرى يجدون عملا فيها ويستفيدون من عملهم في هذه المدن ، لماذا إذن لا يتعلموا اللغة العربية؟ لا أقول أن يتقنوها مئة بالمئة ولكن عبارات التواصل اليومية البسيطة التي لا تكلفهم كثيرا من وقتهم وجهدهم.
تشعر في بعض المدن العربية بالغبن وأن الأجنبي يتكبر ولا يريد أن يتحدث بلسانك بل يفرض عليك أن تخاطبه بما يريد هو علما بأنه ضيف وأنت من أهل البلاد أو من العرب المقيمين. والحالة هذه فإننا نشعر بغربة في مدننا العربية، حتى الدول الأخرى لا تستقبل من لا يتقنون لغتها بل إن قوانينها تشدد إستقبال أو هجرة من لا يتكلمون بلسانها إليها.
أعلم أن الرجل العادي مثلي لا يستطيع أن يفرض هذه الأمر على العامة ولكن أصحاب القرار هم من يجب أن يتصدوا لمثل هذه المهام.

لماذا يجب أن أشعر بأن لغتي العربية ليست ذات أهمية ولكنها أمر ثانوي تماما مثل باقي اللغات التي تحتضر؟
تتحدث مع الأجنبي بلغتك وهي لغة البلاد الرسمية ولغة أهل البلاد الأصليون فيرد عليك بالإنجليزية وبنبرة إزدراء لك لا بل ويكابر ويتكبر عليك. لماذا يجب علي أن أنسلخ من ثقافتي وهويتي ؟ إرضاءا لمن؟ وكسبا لود من؟ وهل أنا بحاجة الى ذلك حقا؟ أسئلة كثيرة تجول في خاطري ، وتساؤلات لها أول وليس لها آخر حول تدهور الهوية .
قد يجزم أو يظن البعض بأنني عنصريا أو رجعيا ، ولكن لماذا؟ الحال ليس كذلك على الإطلاق ، هل تمسكي بلغتي وثقافتي وهويتي وحبهم جناية أو عنصرية؟ هل إعتزازي بحضارتي وإنفتاحي على الآخر أمر محرم ومعيب في آن؟ لماذا يحرم علي الإفتخار والتفاخر بهويتي وثقافتي وإستقلالي ومباح لغيري من أبناء الشعوب الحية ذلك؟
ولكنني أجزم وأعتقد إعتقادا راسخا لا لبس فيه أن الإنسان الواثق من نفسه صاحب الهوية والثقافة أقدر على نسج أواصر الصداقة والحوار مع الشعوب والأمم الأخرى في العالم.
من أن تتكلم مع العالم على أرضية راسخة ومتينة ومن منطلقاتك وقناعاتك حتى تصل الى حوار متفاعل ونشط مع الشعوب الأخرى ، وهكذا يتم إنتاج الحوار الذي يؤدي الى نتائج إيجابية حكما منها التفاعل بين الحضارات ، والتأثير بعضها ببعض، لأن الإختلاف سنة الكون وقد يكون التماثل مجلبا للتنافر والعداء وقد أقيس ذلك على الشحنات السالبة والموجبة عند العارفين بالفيزياء من العلوم. سيلجأاليك الآخر لمساعدته في تسمية الأشياء وقد يستخدم مفردات لغتك في ثقافته وهذه ما حدث بالفعل في السابق مع أجدادنا.

نعم ، لقد توصلت إلى قناعة بأن إنطلاقك من مبادىء وأرضية راسخة وإعتزازك بلغتك وثقافتك تعتبر بذور النجاح لإقامة علاقات صحية ومثمرة مع الشعوب الحية الأخرى. أما أن نستظل بمظلة ليست من صنعنا أو نلبس ثوبا ليس ثوبنا لن يجعل منا سوى مطية للآخر يمتطيها أنى يشاء وكيفما يشاء. وقد أثبت التاريخ وصدقت الأيام عباراتي هذه ، فإذا أردنا أن نكون في الريادة يجب أن لا نزدري أنفسنا ولغتنا وثقافتنا بل نحبها ولكن دونما تشدد أو إنكار الآخر فهذه خط أحمر يعني بداية النهاية لمشوار الحوار مع الآخر.
والى لقاء آخر إن شاء الله
خلدون عبد النبي القيسي
شباط / 14/ 2010

youtube friendly player

True Nature

Khaldun Abd-al-Nabi

My photo
Abu Dhabi, United Arab Emirates
KHALDUN A. P. O. Box 16 Karak, Rabba khalduna@gmail.com EDUCATION Jordan University, Amman, Jordan, June 1999 B. A. in French Literature, note: 2.72 out of 4

Range 2, Team 2, JIPTC
Time in Doha - Qatar
blogger analytics