لماذا يكتبون ...
الكتابة مهنة قديمة جدا بدأت مع إختراع أدوات الكتابة سواء الأداة الكاتبة أو المادة المكتوب عليها، واستمر هذا الإختراع الإنساني يتطور حتى يومنا الحاضر، وتعددت وسائل الكتابة وأنواعها وفنونها مع تطور الحاجة لهذا الفن المعبر، وازدادت أهميتها في الوقت الحاضر لتعكس وجهات النظرلجهات كثيرة ومع توفر الوقت الكافي لدى الأفراد في القراءة.
والحالة هذه ، فإن للكتابة أسس وضوابط كما تعلمت من الكتب وإطلاعي على مقالات وكتابات الآخرين. فالكتابة فنا صعبا وليس سهلا كما يظن البعض، ولها مناهج تدرس فيها قواعدها وأصولها. وغالبا ما يكون للكاتب قضية يكتب عنها بهدف التعريف بها لجمهور القراء يطرح القضية ويحللها بموضوعية ويقترح الحلول في نهاية المقال وبعض الكتاب يتركون للقارىء استنباط الحلول أو الخلاصة.
في عصرنا الحالي ، أصبح "كل من هب ودب" يكتب دون ان يكون عنده موضوع أو قضية واضحة تهم الجماهير في القرن الواحد والعشرين ، يكتبون لملء الفراغ أو اللهو ، علما بأن الكتابة تتطلب من ممارسها فهما ودراية ودرسا للشأن المكتوب عنه الذي يفترض أن يكون بؤرة إهتمام ومثار نقاش لاحقا بين أفراد المجتمع ذوي العلاقة دون حصرا.
ولكن هل كل من يكتب يجب وصفه بالمتطفل على هذه المهة النبيلة؟ أليس من الإجحاف وصف بعض أعمال من يكتبون بالرداءة وعدم الجدية؟ هل يمكن للكاتب أن يكون موضوعيا دون محاسبة بمعنى أن يدفع ثمنا لقاء "موضوعيته" في "بيئة محفوفة بالمخاطر" وفي عالم تعقدت في المصالح؟ هل ساهمت الأنظمة القمعية والشمولية وأذرعها "الأمنية" في بروز جيل "مدجن" من الكتاب ، أبواقا لهذه السلطة يكتبون لها ومنها ، يمجدونها ليلا نهارا من أجل مصالح ضيقة وشخصية محضة.
ليس سهلا اليوم أن يبقى الكاتب الموضوعي كذلك في بيئة تجد الأنظمة نفسها على الحق دائما ولا ترغب الإستماع الى وجهة النظر الأخرى ، ولو كانت تعمل بشرعية وبحق لما هابت حرية الرأي والتعبير الممثلة أجمل تمثيل في الكتابة والصحافة، ولكن في المقابل حتى أقطاب المعارضة في أي بلد لا تمتلك الحقيقة المطلقة ولا هي دائما على حق. والحقيقة هي انه من الصعب جدا أن نصل إلى درجة من الكمال ، وهذه عبارة موضوعية ، ولكن ليس من الصعب أن نكون بين هذه وذاك وأن نتوسط ونقبل الرأي المخالف.
مرة أخرى ، الكتابة مهنة شريفة ومهمة جدا، مثلها مثل المهن الأخرى كالطب والهندسة والعلوم التجريدية والإنسانية الأخرى الأساسية في حياتنا . فلا بد من التمرس عليها وإتقانها وتبني وجهة نظر واضحة من قبل الكاتب وأن يكون على قدر المسؤولية في الدفاع عن رأيه بحرية وبتجرد ولكن بالحجة والدليل، والأهم من ذلك كله هو عدم الإستئثار بالحقيقة وتغليط الآخر لأن لا أحد منا يمتلك الحقيقة المطلقة.
خلدون القيسي
20 شباط 2010
الكتابة مهنة قديمة جدا بدأت مع إختراع أدوات الكتابة سواء الأداة الكاتبة أو المادة المكتوب عليها، واستمر هذا الإختراع الإنساني يتطور حتى يومنا الحاضر، وتعددت وسائل الكتابة وأنواعها وفنونها مع تطور الحاجة لهذا الفن المعبر، وازدادت أهميتها في الوقت الحاضر لتعكس وجهات النظرلجهات كثيرة ومع توفر الوقت الكافي لدى الأفراد في القراءة.
والحالة هذه ، فإن للكتابة أسس وضوابط كما تعلمت من الكتب وإطلاعي على مقالات وكتابات الآخرين. فالكتابة فنا صعبا وليس سهلا كما يظن البعض، ولها مناهج تدرس فيها قواعدها وأصولها. وغالبا ما يكون للكاتب قضية يكتب عنها بهدف التعريف بها لجمهور القراء يطرح القضية ويحللها بموضوعية ويقترح الحلول في نهاية المقال وبعض الكتاب يتركون للقارىء استنباط الحلول أو الخلاصة.
في عصرنا الحالي ، أصبح "كل من هب ودب" يكتب دون ان يكون عنده موضوع أو قضية واضحة تهم الجماهير في القرن الواحد والعشرين ، يكتبون لملء الفراغ أو اللهو ، علما بأن الكتابة تتطلب من ممارسها فهما ودراية ودرسا للشأن المكتوب عنه الذي يفترض أن يكون بؤرة إهتمام ومثار نقاش لاحقا بين أفراد المجتمع ذوي العلاقة دون حصرا.
ولكن هل كل من يكتب يجب وصفه بالمتطفل على هذه المهة النبيلة؟ أليس من الإجحاف وصف بعض أعمال من يكتبون بالرداءة وعدم الجدية؟ هل يمكن للكاتب أن يكون موضوعيا دون محاسبة بمعنى أن يدفع ثمنا لقاء "موضوعيته" في "بيئة محفوفة بالمخاطر" وفي عالم تعقدت في المصالح؟ هل ساهمت الأنظمة القمعية والشمولية وأذرعها "الأمنية" في بروز جيل "مدجن" من الكتاب ، أبواقا لهذه السلطة يكتبون لها ومنها ، يمجدونها ليلا نهارا من أجل مصالح ضيقة وشخصية محضة.
ليس سهلا اليوم أن يبقى الكاتب الموضوعي كذلك في بيئة تجد الأنظمة نفسها على الحق دائما ولا ترغب الإستماع الى وجهة النظر الأخرى ، ولو كانت تعمل بشرعية وبحق لما هابت حرية الرأي والتعبير الممثلة أجمل تمثيل في الكتابة والصحافة، ولكن في المقابل حتى أقطاب المعارضة في أي بلد لا تمتلك الحقيقة المطلقة ولا هي دائما على حق. والحقيقة هي انه من الصعب جدا أن نصل إلى درجة من الكمال ، وهذه عبارة موضوعية ، ولكن ليس من الصعب أن نكون بين هذه وذاك وأن نتوسط ونقبل الرأي المخالف.
مرة أخرى ، الكتابة مهنة شريفة ومهمة جدا، مثلها مثل المهن الأخرى كالطب والهندسة والعلوم التجريدية والإنسانية الأخرى الأساسية في حياتنا . فلا بد من التمرس عليها وإتقانها وتبني وجهة نظر واضحة من قبل الكاتب وأن يكون على قدر المسؤولية في الدفاع عن رأيه بحرية وبتجرد ولكن بالحجة والدليل، والأهم من ذلك كله هو عدم الإستئثار بالحقيقة وتغليط الآخر لأن لا أحد منا يمتلك الحقيقة المطلقة.
خلدون القيسي
20 شباط 2010