14.2.10

العربية لها حقها

أشعر بالإنزعاج والإستياء وأحيانا بالغضب المبرر وذلك لما تواجهه لغتي من إهمال وإزدراء مقصود أو غير مقصود . لماذا يجب علي أن أتحدث الإنجليزية في مدينة عربية وينص تشريعها على أن العربية هي اللغة الرسمية لها؟

القصة هي أنني رغبت ذات مساء أن أستقل الباص عائدا الى منزلي –علما بأنني أمتلك سيارة خاصة، ولكنني أردت أن أخرج عن المألوف هذه المرة، وكم شعرت بالغبن عندما تحدثت بالعربية (لغتي) مع السائق ولكنه لم يفهمني ورد علي بالإنجليزية وكأنه يريدني أن أتحدث الإنجليزية ولكنني قلت في نفسي ولماذا يجب علي أن أتحدث بلغة ليست لغتي وأنا لم أبرح المدن العربية.

الآسيويون في الخليج والمدن العربية الأخرى يجدون عملا فيها ويستفيدون من عملهم في هذه المدن ، لماذا إذن لا يتعلموا اللغة العربية؟ لا أقول أن يتقنوها مئة بالمئة ولكن عبارات التواصل اليومية البسيطة التي لا تكلفهم كثيرا من وقتهم وجهدهم.
تشعر في بعض المدن العربية بالغبن وأن الأجنبي يتكبر ولا يريد أن يتحدث بلسانك بل يفرض عليك أن تخاطبه بما يريد هو علما بأنه ضيف وأنت من أهل البلاد أو من العرب المقيمين. والحالة هذه فإننا نشعر بغربة في مدننا العربية، حتى الدول الأخرى لا تستقبل من لا يتقنون لغتها بل إن قوانينها تشدد إستقبال أو هجرة من لا يتكلمون بلسانها إليها.
أعلم أن الرجل العادي مثلي لا يستطيع أن يفرض هذه الأمر على العامة ولكن أصحاب القرار هم من يجب أن يتصدوا لمثل هذه المهام.

لماذا يجب أن أشعر بأن لغتي العربية ليست ذات أهمية ولكنها أمر ثانوي تماما مثل باقي اللغات التي تحتضر؟
تتحدث مع الأجنبي بلغتك وهي لغة البلاد الرسمية ولغة أهل البلاد الأصليون فيرد عليك بالإنجليزية وبنبرة إزدراء لك لا بل ويكابر ويتكبر عليك. لماذا يجب علي أن أنسلخ من ثقافتي وهويتي ؟ إرضاءا لمن؟ وكسبا لود من؟ وهل أنا بحاجة الى ذلك حقا؟ أسئلة كثيرة تجول في خاطري ، وتساؤلات لها أول وليس لها آخر حول تدهور الهوية .
قد يجزم أو يظن البعض بأنني عنصريا أو رجعيا ، ولكن لماذا؟ الحال ليس كذلك على الإطلاق ، هل تمسكي بلغتي وثقافتي وهويتي وحبهم جناية أو عنصرية؟ هل إعتزازي بحضارتي وإنفتاحي على الآخر أمر محرم ومعيب في آن؟ لماذا يحرم علي الإفتخار والتفاخر بهويتي وثقافتي وإستقلالي ومباح لغيري من أبناء الشعوب الحية ذلك؟
ولكنني أجزم وأعتقد إعتقادا راسخا لا لبس فيه أن الإنسان الواثق من نفسه صاحب الهوية والثقافة أقدر على نسج أواصر الصداقة والحوار مع الشعوب والأمم الأخرى في العالم.
من أن تتكلم مع العالم على أرضية راسخة ومتينة ومن منطلقاتك وقناعاتك حتى تصل الى حوار متفاعل ونشط مع الشعوب الأخرى ، وهكذا يتم إنتاج الحوار الذي يؤدي الى نتائج إيجابية حكما منها التفاعل بين الحضارات ، والتأثير بعضها ببعض، لأن الإختلاف سنة الكون وقد يكون التماثل مجلبا للتنافر والعداء وقد أقيس ذلك على الشحنات السالبة والموجبة عند العارفين بالفيزياء من العلوم. سيلجأاليك الآخر لمساعدته في تسمية الأشياء وقد يستخدم مفردات لغتك في ثقافته وهذه ما حدث بالفعل في السابق مع أجدادنا.

نعم ، لقد توصلت إلى قناعة بأن إنطلاقك من مبادىء وأرضية راسخة وإعتزازك بلغتك وثقافتك تعتبر بذور النجاح لإقامة علاقات صحية ومثمرة مع الشعوب الحية الأخرى. أما أن نستظل بمظلة ليست من صنعنا أو نلبس ثوبا ليس ثوبنا لن يجعل منا سوى مطية للآخر يمتطيها أنى يشاء وكيفما يشاء. وقد أثبت التاريخ وصدقت الأيام عباراتي هذه ، فإذا أردنا أن نكون في الريادة يجب أن لا نزدري أنفسنا ولغتنا وثقافتنا بل نحبها ولكن دونما تشدد أو إنكار الآخر فهذه خط أحمر يعني بداية النهاية لمشوار الحوار مع الآخر.
والى لقاء آخر إن شاء الله
خلدون عبد النبي القيسي
شباط / 14/ 2010

No comments:

Post a Comment

You are welcome to comment and voice your opinion ...

youtube friendly player

True Nature

Khaldun Abd-al-Nabi

My photo
Abu Dhabi, United Arab Emirates
KHALDUN A. P. O. Box 16 Karak, Rabba khalduna@gmail.com EDUCATION Jordan University, Amman, Jordan, June 1999 B. A. in French Literature, note: 2.72 out of 4

Range 2, Team 2, JIPTC
Time in Doha - Qatar
blogger analytics